الأسلوب الفني

       قد ذكرنا في المقال السابق أن الفن قد أثر على حياة البشرية تأثيرا عظيما، وهذا تلمسه جليا في جوانب حياتك المتعددة. حتى أنت تأثرت بالفن في أسلوب حياتك في اختيار ألوان ملابسك وتزيين منزلك وغير ذلك، فأنت تفضل شيئاً معيناً عن آخر هذا التفضيل جاء من منطلق أسلوبك الشخصي في الحياة. وعن هذا الأسلوب يقول فنسنت فان جوخ…”أن الفنان العظيم هو الذي يستطيع التبسيط”.

…فتعالي مع أيها القارئ لنتناول مصطلح الأسلوب بشيء من التفصيل

      فكلمة أسلوب واحدة من المصطلحات الكثيرة في المجال الفني، جاء أصل الكلمة (كمصطلح لغوي في المعجم) من فعل سلب ومعناه الأخذ المادي أو المعنوي، ومعناها كذلك الطريق الممتد والطريقة في القول والوجهة أو المذهب – هذا ما قد أجمله الزمخشري في كتابه أساس البلاغة –  ويرى د زكي نجيب محمود أن الأسلوب صورة لشخصية الفنان (أي أنه يكون فنان إذا أخذ قطعة من ذات نفسه هو ووضعها على عمله الفني او تصميمه أمام أبصار المتلقي، كأنما أخرج ذاتيته وفؤاده من صدره وعرضه على الملأ) . وقد امتد معنى الأسلوب إلى طريقة الكتابة أو التعبير أو التشكيل أو التصوير وغيرها من المجالات، فالأسلوب هو طريقة خاصة لإختيار عناصر العمل الفني وتنظيمها. فأنت تجد عددا كبيرا من أنواع الأساليب والأنماط الفنية المختلفة مثل الأسلوب الواقعي أو التأثير أو الخيالي… إلخ، كل منها له سماته التي تميزه كأسلوب. فالأعمال الفنية سواء كانت جيدة أو رديئة أو حتى عادية فلابد لها من خصائص أو أسلوب معين، ومن ثم فإن الأسلوب يمكننا من تصنيف ووصف الأعمال الفنية المختلفة.

نموذج من أعمالي الخطية، ونموذج لعمل من إنتاج طفل. ويظهر فيهما إختلاف الأسلوب والتناول في الموضوع والتعبير

وهناك الأسلوب الفردي الذي يتميز به فنان واحد مثل أسلوب “مايكل أنجلو أو بيكاسو” او غيرهم من المصممين أو الخطاطين مثلا، فهذا النوع من الأساليب لم يدم إلا فترة قصيرة جدا محدودة بعمر وحياة الفنان. ولكن إذا قلد الناس الآخرون ذلك الأسلوب مثلما فعل تلاميذ “رمبرانت” عندما استلهموا أسلوبه وقلدوه في أعمالهم الشخصية فهذا ما أطال من عمر هذا الأسلوب. وتجد فنانا يعمل في العادة بعدة أساليب مختلفة في فترات حياته وبعضهم من أصحاب المدارس الفنية الملهمة مثل بيكاسو ، فهؤلاء هم من يبتكرون ويطورون لنا سلسلة طويلة من مختلف الأساليب طوال حياتهم وتبقي لنا بعد وفاتهم مصادر للإستلهام

وبما أن الفن حالة خاصة منذ بدء الخليقة وهو دليل على وجود الله الذي أعطى الإنسان بعض من قدراته لكي يكون خليفته في الأرض. فالله لم يحرم الإنسان من الصنع والإنتاج والابتكار، ولكن هناك فرق بين الخلق من عدم منسوب لله عز وجل وبين صنع الإنسان من مكونات بين يديه هي أصلا من صنع الله وعليه فقط أن يعمل عقله في الإستفادة من هذا الكم الهائل من مخلوقات بين السماء والأرض. فالإنسان بقدرته التي خلقها الله فيه عليه أن يأخذ ويستلهم من تلك الطبيعة ما يحتاج لكي يصيغه حسب ما تقتضيه الحاجة والظروف في تناسق أو تلائم أو توافق أو تجانس أو توازن أو ترابط وهذا ما نسميه في النهاية التصميم

وهنا تنتهي رحلتنا اليوم بين الفن والحياة والتصميم، إلي أن نلتقي في رحلة أخرى نبحر فيها في وسط علوم التصميم من حيث المصادر التي نستلهم منها الأفكار والمعالجات أو أسس التصميم التي تحكم نتاجي الفني وغير ذلك من الموضوعات المهمة في بحر الفن والتصميم والحياة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.
You need to agree with the terms to proceed

arrow_upward